السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:lll:
:: كيف أعرف البدعة؟؟؟ ::
الحمد الله رب العالمين, أمرنا بالاتباع ونهانا عن الابتداع وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسائر الأتباع وبعد:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ))
وقال عليه الصلاة والسلام: (( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ))
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ولم تنتشر البدع إلا بعد القرون الثلاثة الفاضلة حين صارت للروافض دولة وكثرت الطرق الصوفية النكده)(). اهـ
فلما فشا بين الناس دجى ظلام الجهل والبعد عن الكتاب والسنة, ظهرت بدع رَأَسَها أصحاب هوى وتبعهم من تبعهم ، وقد أشار إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ))() فلا تقاوم البدع إلا بسلاح العلم ، وإذا فقد العلم والعلماء أتيحت الفرصة لظهور البدع ، وعلى المسلم أخذ الحيطة والحذر وذلك بالتسلح بسلاح العلم لا سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه نشطاء البدع ومروجي الفتن ، لذلك كان الحذر والتحذير منهم واجب.
تعريف البدعة:
البدعة في اللغة : مأخوذة من البدع . وهو الاختراع على غير مثال سابق, قال تعالى : (( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ))[البقرة : 117] أي مخترعها على غير مثال سابق , قال تعالى : (( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ ))[الأحقاف:9] أي ماكنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد بل تقدمني كثير من الرسل .
وفي الاصطلاح كما عرفها الشُّمنِّي() : بأنه ما أُحدث على خلاف الحق المُتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من كَلِم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو استحسان وجُعل ديناً قويماً وصراطاً مستقيماً().
وقال صاحب مختار الصحاح: والبدعة الحدث في الدين بعد الإكمال.
التحذير من البدع:
جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))()
وفي رواية : (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) () وعن جابر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب إحمرت عيناه كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ... , ويقول : (( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار)) رواه مسلم, وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته )) (), وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما ابتدع قوم إلا نزع الله عنهم السنة مثلها )) رواه الإمام أحمد , فدين الإسلام دين كامل وتشريعاته كافية ووافية وشافية يقول الله تعالى : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )) [المائدة:3] , فمن أحدث في دين الله فقد زعم أن دين الله لم يكتمل إلا ببدعته , لأن الله تعالى يقول : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فمن زاد أو حرف أو أوّل في دين الإسلام وتشريعاته فقد ابتدع في دين الإسلام وكل بدعة ضلالة) (). اهـ
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية : (( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم و محدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة )) رواه أبو داود والترمذي.
شبهات حول البدعة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( لقد أخطأ كثير من الناس في العصور المتأخرة في مفهوم البدعة فقالوا بأن البدعة تنقسم إلى بدعة حسنة وقبيحة )()
و استدل بعضهم على أن بعض البدع حسنة بقول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح (نعمت البدعة) وأنها سنة
والجواب عن ذلك:
أن صلاة التراويح لها أصل في السنة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها وصلاها الصحابة خلفه ثم تركها خشية أن تفرض فبقيت مسنونة ثم كان الصحابة يصلونها أوزاعا متفرقين إلى أن جاءت خلافة عمر رضي الله عنه فجمعهم خلف إمام واحد ، وقال شيخ الإسلام في قول عمر نعمت البدعة هذه : (فالإلزام بأنه رضي الله عنه يقصد بأنها بدعة حسنة أو أن البدع منها ماهو حسن من حيث المبدأ إنما هو افتراء على عمر وافتراء على الدين) () ، وقال أهل العلم أن قول عمر رضي الله عنه (نعمت البدعة) إنما هو في معناها اللغوي لا الشرعي ، قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ( يريد البدعة اللغوية لا الشرعية فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه إذا قيل : إنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعا ، لأن البدعة شرعا ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه ) () .
ذكر بعض العلماء أن البدع تنقسم إلى أقسام الأحكام الشرعية ( واجبة ، محرمة , مندوبة ، مكروهه ، مباحة ) هذا غير صحيح وقد رد الشاطبي(4) على ذلك وأقرب ما يمكن الرد به هو أن ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم (( كل بدعة ضلاله )) ولا يمكن أن يقال منها واجب أو مندوب.
أنواع البدع:
البدعة في الدين نوعان:
النوع الأول : بدعة قوليه اعتقاديه ، كمقالات الجهمية و المعتزلة والرافضة وسائر الفرق الضالة.
أما النوع الثاني: بدعه في العبادات كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها، وهي على أنواع ذكرها الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
النوع الأول: ما يكون في أصل العبادة بأن يُحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صيام غير مشروع أو أعياد غير مشروعة كأعياد الموالد.
النوع الثاني: ما يكون في الزيادة على العبادة المشروعة كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر .
النوع الثالث: ما يكون في صفة أداء العبادة بأن يؤديها على صفة غير مشروعة وذلك كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعية مطربة.
النوع الرابع: ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام.
مفاسد البدع :
مما لاشك فيه أن من أسباب انتشار البدع هو الجهل بالكتاب والسنة فإن الاعتصام بهما إنما هو منجاة من ظلام الشرك والبدع والشبهات المضللة قال الله تعالى: ((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ))[آل عمران:103] وقال تعالى : ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ))[الأنعام:153] وقد وضح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مستطيلا ، فقال : (( هذا سبيل الله )) ثم خط خطوطا عن يمينه وشماله ، وقال : (( هذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه )) ثم تلا هذه الآية : ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ))[الأنعام:153] (5) ،
فمن أعرض عن سبيل الله تلقفته سبل الضلال والبدع المحدثة ، فالمفاسد التي أدت وساعدت على ظهورها تتلخص في الأمور التالية :
1. الجهل بأحكام الدين: قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: ( وكلما امتد الزمن وبعد الناس عن آثار الرسالة قل العلم و فشا الجهل)().
2. إتباع الهوى.
3. اعتماد العوام على صحّة أو حسن تلك البدعة لأنها صدرت من متعالم جاهل.
4. ما فيها من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
5. نشوء جيل يعتاد تلك البدع لأنه تربى عليها ونشأ بينها.
6. أنها تورث قلب صاحبها نفاقا بل ربما كفراً والعياذ بالله.
7. ما فيها من استعذاب النفوس لها والاستغناء عن كثير من السنن النبوية الثابتة.
8. التشبه بالكفار وتقليدهم، ومن ذلك الاحتفال بالمولد النبوي وإنما جاء ذلك تشبها بهم().
وفي الختام :
إن البدع بريد الكفر وهي زيادة دين لم يشرعه الله ولا رسوله والبدعة شر من المعصية الكبيرة والشيطان يفرح بها أكثر مما يفرح بالمعاصي الكبيرة ، لأن العاصي يفعل المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها ، والمبتدع يفعل البدعة يعتقدها دينا يتقرب بها إلى الله فلا يتوب منها ، والبدع تقضي على السنن وتكره إلى أصحابها فعل السنن وأهل السنة ، والبدعة تباعد عن الله وتوجب غضبة وعقابه وتسبب زيغ القلوب وفسادها.
..
..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
تعليق